الرئيسية
البوابة
التسجيل
دخول
يقول العلي القدير في كتابه الكريم: والتين والزيتون، وطور سينين، وهذا البلد الأمين، لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم .
صدق الله العظيم، الذي خلقنا في أحسن تقويم، وصورنا في أجمل هيئة، نمشي بقوام معتدل مكتمل، يتحرك في ميكانيكية إلهية يحار فيها العقل..
من هنا نشأت جراحة التقويم لتقوم ما يصيب هذا القوام من التواء أو خلل، وما يعتريه من إصابات أو شلل محاولة أن تستعيد هذه الصورة الرائعة وهذه الميكانيكية البديعة المبدعة، وذلك عن طريق الجراحة والتجبير، ونقل الأوتار والتجميل وتركيب المفاصل والمسامير، لأن مادة العظام مادة صعبة كما أن الميكانيكا مادة صعبة، وميكانيكية الحركة أعقد وأصعب، وعمليات العظام أدق وأتعب لما يكسوها من طبقات من العضلات والشرايين والأعصاب وهنا استحضر قوله سبحانه وتعالى: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين .. صدق الله العظيم.
وكثيراً ما نسمع أن فلاناً يشكو من ألم شديد في الركبة.. وحينما يذهب إلى الطبيب، يشخص له المرض قائلاً: أنه روماتيزم الركبة.. فماذا من هذا النوع من أنواع الروماتيزم؟
الحقيقة أن هذا النوع بيننا في مفصل الركبة، خاصة بعد سن الأربعين حيث تبدأ غضاريف الركبة في الضمور مع الإجهاد وسوء الاستعمال، وقد يحدث هذا الضمور أحياناً في غضاريف الظهر أو الرقبة (أي العمود العنقي) أو أسفل الظهر (أي العمود القطني) نتيجة لما يتحملانه من حركة وأبعاء ثقيلة طوال العمر، وهذا النوع من الروماتيزم يسمى الروماتيزم الغضروفي المزمن وهو ضريبة للوقوف على قدمين ثابتتين تحت قوام معتدل منذ درجنا أول العمر حتى آخره، لأن ثقل الجسم يحمله العمود الفقري إلى الحوض إلى الفخذتين إلى الركبتين إلى القدمين، ومع الزمن والثقل وما تتحمله هذه المفاصل من جهد إذا قورنت بمفاصل الطرف العلوي، وعلى ذلك فهذا النوع لا تجده في الحيوانات الثقيلة كالفيل وفرس النهر لأنها من ذوات الأربع ووزن الجسم موزع عليها، فلا إجهاد على طرف أكثر من طرف آخر، أما الإنسان وقد خلقه الله في أحسن تقويم فوزن جسمه تحمله الساقان وكلما زاد الوزن اشتكى الظهر وتألمت الركبتان مع مرور الوقت وعوامل الزمان.
وإذا ركزنا حديثنا على الروماتيزم الغضروفي المزمن بالركبة فنقول أن هذا النوع من الروماتيزم يكثر في الدول العربية والشرق كله بوجه عام، فيصيب الركبتين بعكس الدول الأوروبية، حيث يصيب مفصل الفخذين، ولعل كثرته في الركبة في بلادنا يرجع إلى عاداتنا الشرقية التي تسبب آثاراً ضارة للركبة وتعجل بحدوثه مثل الجلوس "القرفصاء" أو الجلوس على الأرائك حيث تضغط عليها فتقلل من تغذيتها من السائل المفصلي المنزلق بالركبة، لأن الغضاريف كما ذكرنا ليست لها أوعية دموية، وتأخذ تغذيتها من السائل اللزج فتقل نعومتها وتخشن وتسبب الآلام التي تحس بها أثناء صعود الدرج أو نزوله ثم في أثناء المشي وبعد الجلوس وعند الوقوف، وكلما زاد الوزن زادت هذه الآلام، وكلما زدنا من العادات السيئة في الجلوس زادت حدة الشكوى لأن التغيرات المفصلية تزداد، فالغضاريف تضمر وربما تسبب أكياساً وتغيرات في العظام المجاورة تظهر في صورة الأشعة، ويصفها بعض الأطباء للأسف "بتآكل العظام" وهي تسمية خاطئة لأنها لا تمثل الواقع، غير أنها تصيب المريض بالفزع والجزع فيهرع للجراح المتخصص ليتساءل، ونحن نطمئنه بأنها تغيرات طبيعية نتيجة لضمور الغضاريف ندفعها ضريبة للوقوف مع عامل الزمن، فلا تآكل بالعظام ولكنه ضمور في الغضاريف ينتهي إلى تغيرات بالمفصل تزداد كلما زاد الحمل والثقل على الركبة، وقد تنفصل مع الوقت بعض الغضاريف لتسبب أجساماً غضروفية أو متكلسة بالركبة تضايق المريض كثيراً لأنها أحياناً تحدث ألماً متكرراً بالركبة أثناء المشي والحركة.
وكما أضافت نتائج الأبحاث التي أجريت على 1500 حالة طوال السنوات الخمس الماضية أن روماتيزم الركبة هو في الحقيقة شيخوخة مبكرة تصيب غضاريف وخلايا الركبة بسبب الوزن الزائد للإنسان أو أعوجاج الركبة وبالتالي الساق.
المرض في وطننا العربي :
وفي الوطن العربي يعتبر روماتيزم الركبة أكثر أمراض الروماتيزم انتشاراً في الإنسان العربي، وهو يشكل نسبة كبيرة من المترددين على المستشفيات.. كما أنه أحد الأسباب الرئيسية للانقطاع عن العمل وضياع المئات من ساعات العمل في المصانع وأجهزة الدولة المختلفة، كما قالت نتائج الأبحاث تعبيراً جديداً وهو أن روماتيزم الركبة هو عبارة عن شيخوخة مبكرة في خلايا وغضاريف وأربطة الركبة تماماً مثلما يشيخ الجلد ويتكرمش، أو الشعر فيشيب، أو العضلات فتترهل.. وهذه الشيخوخة المبكرة يمكن أن تأتي في سن الخامسة والعشرين أيضاً.
ومن هنا يمكن أن نقول أنه إذا ما أمكن كعلاج وقائي تجنب هذه الأسباب أمكن بالتالي القضاء على الإصابة بروماتيزم الركبة في الدول العربية.
ولعلنا بعد هذه المقدمة القصيرة عن طبيعة المرض وأسبابه يجب أن نعرف الطريق إلى العلاج، فلا شك أنك عزيزي القارئ تشاركني في نصح المريض بإنقاص وزنه، هذه النصيحة الغالية التي تكون جزءاً من العلاج، فهذا النوع من الروماتيزم نادراً ما نجده في نحيفي الجسم، فكلما نقص الوزن قل الحمل على الركبة ومن ثم قل الألم.. إنها مسألة ميكانيكية سهلة وبسيطة لا تحتاج إلى شرح أو تحليل. وإني لأسمعك تنصح المريض معي بتجنب العادات السيئة التي تجهد الركبة مثل الجلوس القرفصاء أو مربع الركبتين حتى تساعد غضاريف الركبة لتأخذ حظها من التغذية من السائل اللزج بالركبة. وربما يسألك المسلم كيف يصلي فيركع ويسجد والركبة تؤلمه؟ فتقول له: أن الدين يسر لا عسر.. ويمكنك أن تصلي وأنت جالس لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.. لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت صدق الله العظيم، فإن تحسنت الركبة فعليه ألا يطيل في الركوع والسجود وقراءة التشهد والتحيات المباركات ونرجو أن يسمع الله الدعوات الطيبات.
هذه نصائحك ونصائحي وما زال في العلاج بقية، فأدوية الروماتيزم لها دورها في تخفيف آلام وعلاج الالتهابات المصاحبة لهذا النوع من الروماتيزم في الغشاء المبطن للركبة الذي يفرز سائله اللزج الذي يغذي غضاريف المفصل ويعطيها نعومتها، وأحياناً نساعده بالحقن الموضعي بالكورتيزون حتى نمنع ونتقي حدوث التهابات بالركبة، فالكورتيزون سلاح ذو حدين كما ذكرت ولا بد أن يكون تحت إشراف الطبيب الإخصائي بالذات.
ولأنني لأحس بك عزيز القارئ تسألني، هل من جراحة تنفع؟ وهل استبدال المفصل يتم بنجاح؟
أقول لك أن الجراحة لها دور فعال في بعض الحالات، وهناك عمليات القطع العظمي لأعلى عظمة القصبة، خاصة إذا كان بها شئ من التقوس فاستعدالها يحسن من أوضاع الركبة وتوزيع الوزن على مسطحها مما يحسن من تغذية الغضاريف، وهي عملية ناجحة إذا أحسن اختيارها، وهناك عملية نسميها "تنظيف الركبة" تستأصل فيها الغضاريف الضامرة المتهالكة، ونرفع فيها الأجسام السائبة وقد تستأصل عظمة الرضفة أو غطاء الركبة إذا كانت متآكلة السطح، لأن احتكاكها بغضاريف عظمة الفخذ يزيد من تدهور الركبة وربما يستأصل جزءاً من الغشاء المبطن للركبة إذا كان مريضاً ومتليفاً وانبسط إلى زوائد بارزة. وهي عملية ناجحة أيضاً إذا أحسن اختيارها.
ويبقى بعد سؤالك عن المفصل الصناعي، وهو سؤال شائك، لأن مفصل الركبة فريد في نوعه وتركيبه وذلك إعجاز الخالق البارئ المصور.
والمفاصل الصناعية مع كثرتها وتعددها لم تصل إلى مستوى الكمال المطلوب، وكلما كثرت المفاصل الصناعية وتعددت لمفصل طبيعي واحد فمعنى ذلك أنها لم تصل بعد للمستوى المطلوب، وإلا لما تعددت؟ ولكنها تستعمل في بعض الحالات المعينة وخاصة عندما تصاب الركبة بتيبس كامل يهدد الركبة الأخرى وهنا حركة أحسن من لا حركة.. وسنتحدث بعد قليل عن الجيل الجديد من المفاصل الصناعية الخاصة بالسن الصغيرة لكن الطب يتقدم، والعلم لا يقف عند حد، ويحاول الطب الحديث أن يقلل من مدة المرض بكل الوسائل ولا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، والبحث مستمر، والأمل يتجدد، ورحمة الله وسعت كل شئ، رحمة تلهم العلماء بالطرق الشافية الناجحة وسبحانه القائل: ولا تيأسوا من روح الله ، وقوله عز وجل: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .
ولأن العلم يتقدم والبحث يستمر، فقد كشف البحث الطبي المصري الجديد عن الأسباب الحقيقية لروماتيزم الركبة وحملت نتائج البحث في مصر والعالم طريقة جراحية جديدة تعتمد على تكتيك جراحي لعلاج روماتيزم الركبة دون اللجوء إلى علاج الأشعة أو الموجات الصوتية أو أدوية الروماتيزم التي تحمل الدول ملايين الجنيهات سنوياً بلا فائدة مؤكدة.
في البداية يمكن القول على حد تعبير جراح العظام المصري الدكتور- مأمون دياب استشاري جراحة العظام الذي أجرى البحث الطبي أن كلمة روماتيزم أصبحت شائعة في الوطن العربي بحيث أن أي ألم في المفاصل يعتبره الناس إصابة بالروماتيزم مع أن تعريف الروماتيزم علمياً أنه مرض عضوي يصيب المفاصل وأعضاء كثيرة من الجسم مثل القلب والأعصاب.
ولقد جرى العرف في مصر وبعض الدول العربية أن يعالج الروماتيزم بالدفن في الرمال أو الكي أو بوضع اللبخة أو بأدوية الروماتيزم المختلفة سواء المصنعة محلياً أو المستوردة التي تكلف الدول النامية الكثير سنوياً.
من هنا ركز البحث الطبي على روماتيزم الركبة بهدف الكشف عن أسبابه الحقيقية خصوصاً أن أي مرض غير معروف سببه يتم بالتالي علاجه بطريقة عشوائية أو تجريبية وأن العلاج هنا يهدف إلى علاج الأعراض أكثر من الأصل والسبب.
لقد خضع للتجربة المصرية 1400 حالة طوال السنوات الخمس الماضية.. خرجت أرقاماً منها تقول أن 90% من الروماتيزم في الوطن العربي يصيب الركبة وأن 78% من الناس لديهم أكثر من المعدل المثالي للوزن بنسبة 50% .. أي ضعف وزنهم وأن 90% منهم مصابون بتشوهات في الركبة والساقين.
وأثبتت الأبحاث أن غالبية الإصابة بروماتيزم الركبة تتركز في الأطفال الذين يمكن علاجهم بتعاطي الكالسيوم وفيتامين "د" أو كوب من اللبن كل يوم يضاف إليه فيتامين "د" .. مع التعرض لأشعة الشمس في الصباح وبعد الظهر.
ولكن إذا كانت الإصابة حدثت بالفعل في الكبار ووصلت إلى مرحلة متأخرة، فهل من الممكن العلاج؟.
إجابة على هذا السؤال نقول: نعم.. من الممكن العلاج، وهنا يأتي دور الجراحة.. إنها طريقة جراحية جديدة تجرى لأول مرة في الشرق الأوسط، وتعتمد على تكتيك جراحي جديد قام بتطبيقه جراح العظام الدكتور- مأمون دياب في حوالي 400 حالة ونجحت تماماً في علاج روماتيزم الركبة.
العلاج الجراحي الجديد:
إن الجراحة الجديدة علاج إيجابي لروماتيزم الركبة دون اللجوء إلى الأشعة أو الموجات الصوتية وتعتمد على تقويم الركبة بواسطة جهاز ضغط هوائي خاص يمنع اتصال الطرف السفلي بالدورة الدموية في أعضاء الجسم لمدة نصف ساعة يتم خلالها علاج الالتهاب وتحريك واسترجاع الركبة إلى مكانها الطبيعي ثم وضعها في جبيرة للحفاظ في وضعها السليم.
التقنية الفضائية وعلاج روماتيزم الركبة
ومع التقدم التكنولوجي والمحاولات الطبية لحل مشكلة المصابين بتآكل مفاصلهم الطبيعية بشكل يعجزهم ويقعدهم. أمكن حل مشكلة كثير من المرضى بتحسين مواصفات وأسلوب عمل المفاصل الصناعية مما يجعلها تعيش أطول عمراً لتصل إلى 20 سنة بدلاً من 10 سنوات.. فالجيل الجديد من المفاصل الصناعية استفاد من تكنولوجيا الفضاء وتطوير السبائك المعدنية، حيث تم إضافة معدن "التيتنيوم" للجزء الأسفل من مفصل الركبة مما أدى لزيادة سمك الجزء المصنوع من البلاستيك مما يضاعف من عمر المفصل ويعطيه صلابة وخفة وزن، وفي مفصل الفخذ يتم استخدام مواد سيراميكية طويلة العمر وإضافة مادة "الهيدروكسي أباتيت" في جزء التثبيت ليكون المفصل بعد فترة جزءاً من العظام الطبيعية.. ومع هذا التقدم أمكن تركيب المفاصل الصناعية للسن الصغير من المرضى.. وفي مصر لم تبخل الدولة على المواطنين، وقد تم رصد هذه التجربة الناجحة في معهد ناصر ومستشفى الساحل التعليمي ومستشفى الهلال الأحمر.
وحول تطور المفاصل الصناعية واستخدام الأجيال الحديثة منها في علاج المرضى يقول الدكتور عبدالمنعم قمر أستاذ جراحة العظام بالأكاديمية الطبية ومدير وحدة المفاصل الصناعية بمستشفى معهد ناصر بعد دخول العديد من المراكز الطبية في هذا المجال وبالتعاون مع الصناعة تمت تطويرات مختلفة في أجزاء المفاصل حتى وصلنا للمفاصل الحديثة في بداية الثمانينات، وكان متوسط العمر 8 سنوات، وعوامل نجاح المفاصل الصناعية هي أن يكون نوع المفصل من معدن قوي ودقيق في صناعته، واختيار المرضي المناسب والمفصل الملائم لحالته وأن يكون الجراح له خبرة كبيرة وأن يراعى أصول تركيب المفاصل الصناعية، وللأسف أن هناك بعض الجراحين ممن ليس لهم خبرة يقومون بتغيير المفاصل، وللعلم إذا كانت زاوية المفصل ليست مضبوطة فإنها تحدث به خلخلة كما أن وضع الأسمنت الطبي في وقت غير مناسب وبتوزيع غير متجانس حول المفصل يجب ألا يحدث حتى لا يكون به نقطة ضعف، أما في حالات الإصابات الشديدة المصاحبة بتفتت في العظام أو إعادة تركيب المفاصل الصناعية مرة ثانية عند انتهاء العمر الافتراضي للمفصل الأول، وتوجد مفاصل أسمنتية تكون مغطاة بطبقة غير ملساء من مادة الهيدروكسي أباتيت ويوجد نوع آخر به نتوءات يتخللها العظام ليكون المفصل جزءاً من العظام وبالتالي يكون تثبيته أقوى، وهذه الأنواع تفضل في السن الصغيرة، حيث تعيش أكثر من 15 سنة، وبالنسبة لمفصل الركبة، بعد دراسة ميكانيكية مكثفة ومحاولة تقليد حركة المفصل الطبيعية رغم أن الركبة تعتبر مفصلاً غير مستقر مثل مفصل الفخذ بل عليه عبء حركي وليس به تجاويف تثبته مثل مفصل الفخذ ويتحكم فيه أوتار وأربطة، من هنا تطورت الصناعة لأعضاء الشكل الطبيعي لنهايات مفصل الركبة، ومع هذا التقدم ودخول مادة التيتنيوم في تركيب المفاصل أصبحت أخف وزناً وأكثر صلابة وتحمل ويطول عمره الافتراضي لأكثر من 15 سنة وفي المفاصل الحديثة أصبح التغيير يتم للغضاريف والأسطح التالفة للمفصل المصاب.
وفي تجربة مهمة بمعهد ناصر يجري فيها استخدام الأجيال الحديثة للمفاصل الصناعية، حيث إنها أصبحت ضرورية لحياة المرضى المقعدين، وحيث إنه من حق أي إنسان أن يعالج بالأسلوب المناسب وفي المكان المناسب مهما كانت التكاليف، فإن هذا المعهد يقوم بتوفير أية مبالغ لتغيير المفصل لأي مريض على مستوى الوطن العربي. لذا تم إنشاء هذه الوحدة الحديثة للمفاصل الصناعية التي أجرى بها حوالي 250 حالة خلال العامين الماضيين أهمها حالات الركبة والفخذ والكتف والكوع، وأيضاً تغيير مفاصل مصابة بأورام العظام وتم استئصالها. كما يجري استبدال المفاصل عندما يعاني المريض آلاماً شديدة بسبب التهابات غضروفية وعظمية نتيجة تآكل وضمور الغضاريف المفصلية، التي ترجع لضعف ولين العظام في سن صغيرة مما يسبب تقوس الساقين وضمور الغضاريف ابتداء من سن الأربعين، وهذه تمثل 70% من الحالات تقريباً، والسبب الثاني مرض الروماتويد الذي يؤثر في معظم المفاصل السنوفية في الجسم، وهذا مرض صناعي يؤدي لالتهاب في الغشاء المبطن للمفاصل ويزحف الالتهاب تدريجياً إلى الغضاريف المفصلية ويسبب ضمورها وتآكلها خلال 3 إلى 5 سنوات من الإصابة ويكون مرضى الروماتويد في الغالب صغار السن (من 20 30 سنة) مما يؤدي للعجز عن الحركة، والسبب الثالث لتلف المفاصل هو الكسور المفصلية التي لم يتم علاجها بشكل صحيح مما يسبب خلال عامين التهابات عظمية عضروفية وبالتالي ضمور وتآكل في هذه الغضاريف.
لهذا حدث تطور كبير في المفاصل الصناعية فأصبحت تتكون من نوع من المعادن لا تتأثر بالضغط المستمر والاحتكاك الناتج عن الحركة، حيث تم إضافة مادة التيتنيوم التي تحمل قرصاً من مادة البلاستيك عالي الكثافة، ودرجة تآكله بسيطة مما يطيل عمر مفصل الركبة إلى 20 سنة بدلاً من 10 سنوات، وبالنسبة للفخذ يوجد تطوير آخر في المفصل حيث أصبح يتكون من السيراميك، وهذه المفاصل تتميز بعدم حدوث تآكل لها نهائياً، لكنها مرتفعة الثمن وتستخدم في حالات خاصة، كما يوجد نوع من البلاستيك القوي عمره يصل إلى 20 سنة، ومشكلة مفصل الفخذ التثبيت بالأسمنت الطبي حيث يحدث خلخلة في المفصل خلال 5 سنوات في بعض الحالات حسب أسلوب استخدام المفصل وسن المريض، وللتغلب على هذه المشكلة تم تغليف جزء التثبيت بمادة الهيدروكسي أبتيت التي تساعد على نمو العظام بها مما يزيد من تثبيت المفصل داخل تجويف العظام، ويوجد مفصل آخر به تجاويف صغيرة على سطحه (Porous Goated) تنمو العظام بداخلها مما يثبت المفصل بقوة.
لقد تم إجراء أكثر من 50 عملية بمستشفى الساحل التعليمي ومستشفى الهلال على نفقة الدولة المصرية لمرضى تتراوح أعمارهم بين 22 و 84 سنة، حيث أنه في حالات الروماتويد يتم تركيب المفصل قبل سن الخمسين، ويتم تركيب أحدث الأجيال من المفاصل الصناعية على نفقة الدولة، وفي حالة انتهاء عمر المفاصل يمكن تركيب مفصل آخر صناعي وهكذا. أما في حالات الهشاشة يجب عدم التسرع بتركيب المفصل الصناعي قبل علاج الحالة من الهشاشة وتقوية العظام.. وبعد فإن تركيب المفاصل يتطلب خبرة كبيرة ويجب أن يكون الجراح قد ساعد وشارك في إجراء أكثر من 50 عملية لتغيير المفاصل، حتى يكتسب جميع أنواع الخبرات.
إن العمليات يجب أن تتم في مستشفيات كبيرة وتكون حجرة العمليات بها معقمة بدقة لمثل هذه الجراحات الدقيقة، وهناك دور مهم للعلاج الطبيعي، حيث توضع الركبة على جهاز تحريك لمدة 7 أيام يتم بعدها تحريك المفصل حتى زاوية 110 بالنسبة لمفصل الركبة حيث يؤدي بذلك حوالي 80% من دور المفصل الطبعي، ويقوم مفصل الفخذ بحوالي 90% من عمل المفصل الطبيعي وتختفي الآلام تماماً إن شاء الله.
المراجع العربية:
1 القرآن الكريم
2 أ. د. لطفي الأدور، ورقة بحث مقدمة لمؤتمر الإسكندرية الدولي لجراحات العظام، للعام 2000م.
المراجع الأجنبية:
1- Edwards, BC, Zusman M. Hardeastle P, Twomeyi, et at Aphysical approach to the rehabiliatation of patients disabled by chronic low bak pain. Med j aust 1999 156 167-17.
2- Kores Bw, BouterLM, van Mameren H. Essers HM, et al Randomised clinical trial of manipulative therapy and Physiotherapy for persistent bak and nek complaints results of one year follow-up Med J 1999 304 601-606.
3 - Halpin FS, Yeoman 1, Dundas D. Radiographic examination of the Lumbar spine in NASER hospital, Br Med J1999 303 818 - 815.
4 - Kores BW, BOUTER LM, Bekerman, H , Van der, Heijden, et al physiotheraphy exercisis and bak pain a blinded review. BR Med J1998 1327 - 1575.
5- The Royal college of Radiologists. Making the best use of a department of Radiology London, Royal college of Radiologists, 1999.
صدق الله العظيم، الذي خلقنا في أحسن تقويم، وصورنا في أجمل هيئة، نمشي بقوام معتدل مكتمل، يتحرك في ميكانيكية إلهية يحار فيها العقل..
من هنا نشأت جراحة التقويم لتقوم ما يصيب هذا القوام من التواء أو خلل، وما يعتريه من إصابات أو شلل محاولة أن تستعيد هذه الصورة الرائعة وهذه الميكانيكية البديعة المبدعة، وذلك عن طريق الجراحة والتجبير، ونقل الأوتار والتجميل وتركيب المفاصل والمسامير، لأن مادة العظام مادة صعبة كما أن الميكانيكا مادة صعبة، وميكانيكية الحركة أعقد وأصعب، وعمليات العظام أدق وأتعب لما يكسوها من طبقات من العضلات والشرايين والأعصاب وهنا استحضر قوله سبحانه وتعالى: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين .. صدق الله العظيم.
وكثيراً ما نسمع أن فلاناً يشكو من ألم شديد في الركبة.. وحينما يذهب إلى الطبيب، يشخص له المرض قائلاً: أنه روماتيزم الركبة.. فماذا من هذا النوع من أنواع الروماتيزم؟
الحقيقة أن هذا النوع بيننا في مفصل الركبة، خاصة بعد سن الأربعين حيث تبدأ غضاريف الركبة في الضمور مع الإجهاد وسوء الاستعمال، وقد يحدث هذا الضمور أحياناً في غضاريف الظهر أو الرقبة (أي العمود العنقي) أو أسفل الظهر (أي العمود القطني) نتيجة لما يتحملانه من حركة وأبعاء ثقيلة طوال العمر، وهذا النوع من الروماتيزم يسمى الروماتيزم الغضروفي المزمن وهو ضريبة للوقوف على قدمين ثابتتين تحت قوام معتدل منذ درجنا أول العمر حتى آخره، لأن ثقل الجسم يحمله العمود الفقري إلى الحوض إلى الفخذتين إلى الركبتين إلى القدمين، ومع الزمن والثقل وما تتحمله هذه المفاصل من جهد إذا قورنت بمفاصل الطرف العلوي، وعلى ذلك فهذا النوع لا تجده في الحيوانات الثقيلة كالفيل وفرس النهر لأنها من ذوات الأربع ووزن الجسم موزع عليها، فلا إجهاد على طرف أكثر من طرف آخر، أما الإنسان وقد خلقه الله في أحسن تقويم فوزن جسمه تحمله الساقان وكلما زاد الوزن اشتكى الظهر وتألمت الركبتان مع مرور الوقت وعوامل الزمان.
وإذا ركزنا حديثنا على الروماتيزم الغضروفي المزمن بالركبة فنقول أن هذا النوع من الروماتيزم يكثر في الدول العربية والشرق كله بوجه عام، فيصيب الركبتين بعكس الدول الأوروبية، حيث يصيب مفصل الفخذين، ولعل كثرته في الركبة في بلادنا يرجع إلى عاداتنا الشرقية التي تسبب آثاراً ضارة للركبة وتعجل بحدوثه مثل الجلوس "القرفصاء" أو الجلوس على الأرائك حيث تضغط عليها فتقلل من تغذيتها من السائل المفصلي المنزلق بالركبة، لأن الغضاريف كما ذكرنا ليست لها أوعية دموية، وتأخذ تغذيتها من السائل اللزج فتقل نعومتها وتخشن وتسبب الآلام التي تحس بها أثناء صعود الدرج أو نزوله ثم في أثناء المشي وبعد الجلوس وعند الوقوف، وكلما زاد الوزن زادت هذه الآلام، وكلما زدنا من العادات السيئة في الجلوس زادت حدة الشكوى لأن التغيرات المفصلية تزداد، فالغضاريف تضمر وربما تسبب أكياساً وتغيرات في العظام المجاورة تظهر في صورة الأشعة، ويصفها بعض الأطباء للأسف "بتآكل العظام" وهي تسمية خاطئة لأنها لا تمثل الواقع، غير أنها تصيب المريض بالفزع والجزع فيهرع للجراح المتخصص ليتساءل، ونحن نطمئنه بأنها تغيرات طبيعية نتيجة لضمور الغضاريف ندفعها ضريبة للوقوف مع عامل الزمن، فلا تآكل بالعظام ولكنه ضمور في الغضاريف ينتهي إلى تغيرات بالمفصل تزداد كلما زاد الحمل والثقل على الركبة، وقد تنفصل مع الوقت بعض الغضاريف لتسبب أجساماً غضروفية أو متكلسة بالركبة تضايق المريض كثيراً لأنها أحياناً تحدث ألماً متكرراً بالركبة أثناء المشي والحركة.
وكما أضافت نتائج الأبحاث التي أجريت على 1500 حالة طوال السنوات الخمس الماضية أن روماتيزم الركبة هو في الحقيقة شيخوخة مبكرة تصيب غضاريف وخلايا الركبة بسبب الوزن الزائد للإنسان أو أعوجاج الركبة وبالتالي الساق.
المرض في وطننا العربي :
وفي الوطن العربي يعتبر روماتيزم الركبة أكثر أمراض الروماتيزم انتشاراً في الإنسان العربي، وهو يشكل نسبة كبيرة من المترددين على المستشفيات.. كما أنه أحد الأسباب الرئيسية للانقطاع عن العمل وضياع المئات من ساعات العمل في المصانع وأجهزة الدولة المختلفة، كما قالت نتائج الأبحاث تعبيراً جديداً وهو أن روماتيزم الركبة هو عبارة عن شيخوخة مبكرة في خلايا وغضاريف وأربطة الركبة تماماً مثلما يشيخ الجلد ويتكرمش، أو الشعر فيشيب، أو العضلات فتترهل.. وهذه الشيخوخة المبكرة يمكن أن تأتي في سن الخامسة والعشرين أيضاً.
ومن هنا يمكن أن نقول أنه إذا ما أمكن كعلاج وقائي تجنب هذه الأسباب أمكن بالتالي القضاء على الإصابة بروماتيزم الركبة في الدول العربية.
ولعلنا بعد هذه المقدمة القصيرة عن طبيعة المرض وأسبابه يجب أن نعرف الطريق إلى العلاج، فلا شك أنك عزيزي القارئ تشاركني في نصح المريض بإنقاص وزنه، هذه النصيحة الغالية التي تكون جزءاً من العلاج، فهذا النوع من الروماتيزم نادراً ما نجده في نحيفي الجسم، فكلما نقص الوزن قل الحمل على الركبة ومن ثم قل الألم.. إنها مسألة ميكانيكية سهلة وبسيطة لا تحتاج إلى شرح أو تحليل. وإني لأسمعك تنصح المريض معي بتجنب العادات السيئة التي تجهد الركبة مثل الجلوس القرفصاء أو مربع الركبتين حتى تساعد غضاريف الركبة لتأخذ حظها من التغذية من السائل اللزج بالركبة. وربما يسألك المسلم كيف يصلي فيركع ويسجد والركبة تؤلمه؟ فتقول له: أن الدين يسر لا عسر.. ويمكنك أن تصلي وأنت جالس لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.. لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت صدق الله العظيم، فإن تحسنت الركبة فعليه ألا يطيل في الركوع والسجود وقراءة التشهد والتحيات المباركات ونرجو أن يسمع الله الدعوات الطيبات.
هذه نصائحك ونصائحي وما زال في العلاج بقية، فأدوية الروماتيزم لها دورها في تخفيف آلام وعلاج الالتهابات المصاحبة لهذا النوع من الروماتيزم في الغشاء المبطن للركبة الذي يفرز سائله اللزج الذي يغذي غضاريف المفصل ويعطيها نعومتها، وأحياناً نساعده بالحقن الموضعي بالكورتيزون حتى نمنع ونتقي حدوث التهابات بالركبة، فالكورتيزون سلاح ذو حدين كما ذكرت ولا بد أن يكون تحت إشراف الطبيب الإخصائي بالذات.
ولأنني لأحس بك عزيز القارئ تسألني، هل من جراحة تنفع؟ وهل استبدال المفصل يتم بنجاح؟
أقول لك أن الجراحة لها دور فعال في بعض الحالات، وهناك عمليات القطع العظمي لأعلى عظمة القصبة، خاصة إذا كان بها شئ من التقوس فاستعدالها يحسن من أوضاع الركبة وتوزيع الوزن على مسطحها مما يحسن من تغذية الغضاريف، وهي عملية ناجحة إذا أحسن اختيارها، وهناك عملية نسميها "تنظيف الركبة" تستأصل فيها الغضاريف الضامرة المتهالكة، ونرفع فيها الأجسام السائبة وقد تستأصل عظمة الرضفة أو غطاء الركبة إذا كانت متآكلة السطح، لأن احتكاكها بغضاريف عظمة الفخذ يزيد من تدهور الركبة وربما يستأصل جزءاً من الغشاء المبطن للركبة إذا كان مريضاً ومتليفاً وانبسط إلى زوائد بارزة. وهي عملية ناجحة أيضاً إذا أحسن اختيارها.
ويبقى بعد سؤالك عن المفصل الصناعي، وهو سؤال شائك، لأن مفصل الركبة فريد في نوعه وتركيبه وذلك إعجاز الخالق البارئ المصور.
والمفاصل الصناعية مع كثرتها وتعددها لم تصل إلى مستوى الكمال المطلوب، وكلما كثرت المفاصل الصناعية وتعددت لمفصل طبيعي واحد فمعنى ذلك أنها لم تصل بعد للمستوى المطلوب، وإلا لما تعددت؟ ولكنها تستعمل في بعض الحالات المعينة وخاصة عندما تصاب الركبة بتيبس كامل يهدد الركبة الأخرى وهنا حركة أحسن من لا حركة.. وسنتحدث بعد قليل عن الجيل الجديد من المفاصل الصناعية الخاصة بالسن الصغيرة لكن الطب يتقدم، والعلم لا يقف عند حد، ويحاول الطب الحديث أن يقلل من مدة المرض بكل الوسائل ولا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، والبحث مستمر، والأمل يتجدد، ورحمة الله وسعت كل شئ، رحمة تلهم العلماء بالطرق الشافية الناجحة وسبحانه القائل: ولا تيأسوا من روح الله ، وقوله عز وجل: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .
ولأن العلم يتقدم والبحث يستمر، فقد كشف البحث الطبي المصري الجديد عن الأسباب الحقيقية لروماتيزم الركبة وحملت نتائج البحث في مصر والعالم طريقة جراحية جديدة تعتمد على تكتيك جراحي لعلاج روماتيزم الركبة دون اللجوء إلى علاج الأشعة أو الموجات الصوتية أو أدوية الروماتيزم التي تحمل الدول ملايين الجنيهات سنوياً بلا فائدة مؤكدة.
في البداية يمكن القول على حد تعبير جراح العظام المصري الدكتور- مأمون دياب استشاري جراحة العظام الذي أجرى البحث الطبي أن كلمة روماتيزم أصبحت شائعة في الوطن العربي بحيث أن أي ألم في المفاصل يعتبره الناس إصابة بالروماتيزم مع أن تعريف الروماتيزم علمياً أنه مرض عضوي يصيب المفاصل وأعضاء كثيرة من الجسم مثل القلب والأعصاب.
ولقد جرى العرف في مصر وبعض الدول العربية أن يعالج الروماتيزم بالدفن في الرمال أو الكي أو بوضع اللبخة أو بأدوية الروماتيزم المختلفة سواء المصنعة محلياً أو المستوردة التي تكلف الدول النامية الكثير سنوياً.
من هنا ركز البحث الطبي على روماتيزم الركبة بهدف الكشف عن أسبابه الحقيقية خصوصاً أن أي مرض غير معروف سببه يتم بالتالي علاجه بطريقة عشوائية أو تجريبية وأن العلاج هنا يهدف إلى علاج الأعراض أكثر من الأصل والسبب.
لقد خضع للتجربة المصرية 1400 حالة طوال السنوات الخمس الماضية.. خرجت أرقاماً منها تقول أن 90% من الروماتيزم في الوطن العربي يصيب الركبة وأن 78% من الناس لديهم أكثر من المعدل المثالي للوزن بنسبة 50% .. أي ضعف وزنهم وأن 90% منهم مصابون بتشوهات في الركبة والساقين.
وأثبتت الأبحاث أن غالبية الإصابة بروماتيزم الركبة تتركز في الأطفال الذين يمكن علاجهم بتعاطي الكالسيوم وفيتامين "د" أو كوب من اللبن كل يوم يضاف إليه فيتامين "د" .. مع التعرض لأشعة الشمس في الصباح وبعد الظهر.
ولكن إذا كانت الإصابة حدثت بالفعل في الكبار ووصلت إلى مرحلة متأخرة، فهل من الممكن العلاج؟.
إجابة على هذا السؤال نقول: نعم.. من الممكن العلاج، وهنا يأتي دور الجراحة.. إنها طريقة جراحية جديدة تجرى لأول مرة في الشرق الأوسط، وتعتمد على تكتيك جراحي جديد قام بتطبيقه جراح العظام الدكتور- مأمون دياب في حوالي 400 حالة ونجحت تماماً في علاج روماتيزم الركبة.
العلاج الجراحي الجديد:
إن الجراحة الجديدة علاج إيجابي لروماتيزم الركبة دون اللجوء إلى الأشعة أو الموجات الصوتية وتعتمد على تقويم الركبة بواسطة جهاز ضغط هوائي خاص يمنع اتصال الطرف السفلي بالدورة الدموية في أعضاء الجسم لمدة نصف ساعة يتم خلالها علاج الالتهاب وتحريك واسترجاع الركبة إلى مكانها الطبيعي ثم وضعها في جبيرة للحفاظ في وضعها السليم.
التقنية الفضائية وعلاج روماتيزم الركبة
ومع التقدم التكنولوجي والمحاولات الطبية لحل مشكلة المصابين بتآكل مفاصلهم الطبيعية بشكل يعجزهم ويقعدهم. أمكن حل مشكلة كثير من المرضى بتحسين مواصفات وأسلوب عمل المفاصل الصناعية مما يجعلها تعيش أطول عمراً لتصل إلى 20 سنة بدلاً من 10 سنوات.. فالجيل الجديد من المفاصل الصناعية استفاد من تكنولوجيا الفضاء وتطوير السبائك المعدنية، حيث تم إضافة معدن "التيتنيوم" للجزء الأسفل من مفصل الركبة مما أدى لزيادة سمك الجزء المصنوع من البلاستيك مما يضاعف من عمر المفصل ويعطيه صلابة وخفة وزن، وفي مفصل الفخذ يتم استخدام مواد سيراميكية طويلة العمر وإضافة مادة "الهيدروكسي أباتيت" في جزء التثبيت ليكون المفصل بعد فترة جزءاً من العظام الطبيعية.. ومع هذا التقدم أمكن تركيب المفاصل الصناعية للسن الصغير من المرضى.. وفي مصر لم تبخل الدولة على المواطنين، وقد تم رصد هذه التجربة الناجحة في معهد ناصر ومستشفى الساحل التعليمي ومستشفى الهلال الأحمر.
وحول تطور المفاصل الصناعية واستخدام الأجيال الحديثة منها في علاج المرضى يقول الدكتور عبدالمنعم قمر أستاذ جراحة العظام بالأكاديمية الطبية ومدير وحدة المفاصل الصناعية بمستشفى معهد ناصر بعد دخول العديد من المراكز الطبية في هذا المجال وبالتعاون مع الصناعة تمت تطويرات مختلفة في أجزاء المفاصل حتى وصلنا للمفاصل الحديثة في بداية الثمانينات، وكان متوسط العمر 8 سنوات، وعوامل نجاح المفاصل الصناعية هي أن يكون نوع المفصل من معدن قوي ودقيق في صناعته، واختيار المرضي المناسب والمفصل الملائم لحالته وأن يكون الجراح له خبرة كبيرة وأن يراعى أصول تركيب المفاصل الصناعية، وللأسف أن هناك بعض الجراحين ممن ليس لهم خبرة يقومون بتغيير المفاصل، وللعلم إذا كانت زاوية المفصل ليست مضبوطة فإنها تحدث به خلخلة كما أن وضع الأسمنت الطبي في وقت غير مناسب وبتوزيع غير متجانس حول المفصل يجب ألا يحدث حتى لا يكون به نقطة ضعف، أما في حالات الإصابات الشديدة المصاحبة بتفتت في العظام أو إعادة تركيب المفاصل الصناعية مرة ثانية عند انتهاء العمر الافتراضي للمفصل الأول، وتوجد مفاصل أسمنتية تكون مغطاة بطبقة غير ملساء من مادة الهيدروكسي أباتيت ويوجد نوع آخر به نتوءات يتخللها العظام ليكون المفصل جزءاً من العظام وبالتالي يكون تثبيته أقوى، وهذه الأنواع تفضل في السن الصغيرة، حيث تعيش أكثر من 15 سنة، وبالنسبة لمفصل الركبة، بعد دراسة ميكانيكية مكثفة ومحاولة تقليد حركة المفصل الطبيعية رغم أن الركبة تعتبر مفصلاً غير مستقر مثل مفصل الفخذ بل عليه عبء حركي وليس به تجاويف تثبته مثل مفصل الفخذ ويتحكم فيه أوتار وأربطة، من هنا تطورت الصناعة لأعضاء الشكل الطبيعي لنهايات مفصل الركبة، ومع هذا التقدم ودخول مادة التيتنيوم في تركيب المفاصل أصبحت أخف وزناً وأكثر صلابة وتحمل ويطول عمره الافتراضي لأكثر من 15 سنة وفي المفاصل الحديثة أصبح التغيير يتم للغضاريف والأسطح التالفة للمفصل المصاب.
وفي تجربة مهمة بمعهد ناصر يجري فيها استخدام الأجيال الحديثة للمفاصل الصناعية، حيث إنها أصبحت ضرورية لحياة المرضى المقعدين، وحيث إنه من حق أي إنسان أن يعالج بالأسلوب المناسب وفي المكان المناسب مهما كانت التكاليف، فإن هذا المعهد يقوم بتوفير أية مبالغ لتغيير المفصل لأي مريض على مستوى الوطن العربي. لذا تم إنشاء هذه الوحدة الحديثة للمفاصل الصناعية التي أجرى بها حوالي 250 حالة خلال العامين الماضيين أهمها حالات الركبة والفخذ والكتف والكوع، وأيضاً تغيير مفاصل مصابة بأورام العظام وتم استئصالها. كما يجري استبدال المفاصل عندما يعاني المريض آلاماً شديدة بسبب التهابات غضروفية وعظمية نتيجة تآكل وضمور الغضاريف المفصلية، التي ترجع لضعف ولين العظام في سن صغيرة مما يسبب تقوس الساقين وضمور الغضاريف ابتداء من سن الأربعين، وهذه تمثل 70% من الحالات تقريباً، والسبب الثاني مرض الروماتويد الذي يؤثر في معظم المفاصل السنوفية في الجسم، وهذا مرض صناعي يؤدي لالتهاب في الغشاء المبطن للمفاصل ويزحف الالتهاب تدريجياً إلى الغضاريف المفصلية ويسبب ضمورها وتآكلها خلال 3 إلى 5 سنوات من الإصابة ويكون مرضى الروماتويد في الغالب صغار السن (من 20 30 سنة) مما يؤدي للعجز عن الحركة، والسبب الثالث لتلف المفاصل هو الكسور المفصلية التي لم يتم علاجها بشكل صحيح مما يسبب خلال عامين التهابات عظمية عضروفية وبالتالي ضمور وتآكل في هذه الغضاريف.
لهذا حدث تطور كبير في المفاصل الصناعية فأصبحت تتكون من نوع من المعادن لا تتأثر بالضغط المستمر والاحتكاك الناتج عن الحركة، حيث تم إضافة مادة التيتنيوم التي تحمل قرصاً من مادة البلاستيك عالي الكثافة، ودرجة تآكله بسيطة مما يطيل عمر مفصل الركبة إلى 20 سنة بدلاً من 10 سنوات، وبالنسبة للفخذ يوجد تطوير آخر في المفصل حيث أصبح يتكون من السيراميك، وهذه المفاصل تتميز بعدم حدوث تآكل لها نهائياً، لكنها مرتفعة الثمن وتستخدم في حالات خاصة، كما يوجد نوع من البلاستيك القوي عمره يصل إلى 20 سنة، ومشكلة مفصل الفخذ التثبيت بالأسمنت الطبي حيث يحدث خلخلة في المفصل خلال 5 سنوات في بعض الحالات حسب أسلوب استخدام المفصل وسن المريض، وللتغلب على هذه المشكلة تم تغليف جزء التثبيت بمادة الهيدروكسي أبتيت التي تساعد على نمو العظام بها مما يزيد من تثبيت المفصل داخل تجويف العظام، ويوجد مفصل آخر به تجاويف صغيرة على سطحه (Porous Goated) تنمو العظام بداخلها مما يثبت المفصل بقوة.
لقد تم إجراء أكثر من 50 عملية بمستشفى الساحل التعليمي ومستشفى الهلال على نفقة الدولة المصرية لمرضى تتراوح أعمارهم بين 22 و 84 سنة، حيث أنه في حالات الروماتويد يتم تركيب المفصل قبل سن الخمسين، ويتم تركيب أحدث الأجيال من المفاصل الصناعية على نفقة الدولة، وفي حالة انتهاء عمر المفاصل يمكن تركيب مفصل آخر صناعي وهكذا. أما في حالات الهشاشة يجب عدم التسرع بتركيب المفصل الصناعي قبل علاج الحالة من الهشاشة وتقوية العظام.. وبعد فإن تركيب المفاصل يتطلب خبرة كبيرة ويجب أن يكون الجراح قد ساعد وشارك في إجراء أكثر من 50 عملية لتغيير المفاصل، حتى يكتسب جميع أنواع الخبرات.
إن العمليات يجب أن تتم في مستشفيات كبيرة وتكون حجرة العمليات بها معقمة بدقة لمثل هذه الجراحات الدقيقة، وهناك دور مهم للعلاج الطبيعي، حيث توضع الركبة على جهاز تحريك لمدة 7 أيام يتم بعدها تحريك المفصل حتى زاوية 110 بالنسبة لمفصل الركبة حيث يؤدي بذلك حوالي 80% من دور المفصل الطبعي، ويقوم مفصل الفخذ بحوالي 90% من عمل المفصل الطبيعي وتختفي الآلام تماماً إن شاء الله.
المراجع العربية:
1 القرآن الكريم
2 أ. د. لطفي الأدور، ورقة بحث مقدمة لمؤتمر الإسكندرية الدولي لجراحات العظام، للعام 2000م.
المراجع الأجنبية:
1- Edwards, BC, Zusman M. Hardeastle P, Twomeyi, et at Aphysical approach to the rehabiliatation of patients disabled by chronic low bak pain. Med j aust 1999 156 167-17.
2- Kores Bw, BouterLM, van Mameren H. Essers HM, et al Randomised clinical trial of manipulative therapy and Physiotherapy for persistent bak and nek complaints results of one year follow-up Med J 1999 304 601-606.
3 - Halpin FS, Yeoman 1, Dundas D. Radiographic examination of the Lumbar spine in NASER hospital, Br Med J1999 303 818 - 815.
4 - Kores BW, BOUTER LM, Bekerman, H , Van der, Heijden, et al physiotheraphy exercisis and bak pain a blinded review. BR Med J1998 1327 - 1575.
5- The Royal college of Radiologists. Making the best use of a department of Radiology London, Royal college of Radiologists, 1999.
» تناول الاطعمة الساخنة في اطباق الميلامين يزيد من احتمال الاصابة بحصى الكلى
» الجرجير كنز من كنوز الخضروات
» لكل طلاب الانتساب والتعليم عن بعد
» دور الاطباء والممرضات عند موعد الولاده...الاطبا
» الصداع النصفي مرض يصيب الاذكياء
» احدث ابحاث 2011
» فضيحة مصنع (الـربـيـــع) للعصيرات
» انواع الحب الحقيقي ....